نصف ساعة لا تكفي
أطال الله أعماركم جميعاً , ومتعكم بالصحة والسعادة .
لكن, ماذا يفعل أحدنا إذا قيل له, لا سمح الله : ( أمامك نصف ساعة, وسوف << تفلسع >> بعدها من هذه الدنيا ) ,
قل ما لديك, أو افعل ما تريد وتتمنى .
ماذا يقول ؟ ماذا يفعل ؟
العيب في هذه الدنيا , نقصد العيب الذي يلبس الناس أنفسهم إياه , هو أننا لا نفهم الحياة , إلا ونحن على أبواب مغادرتها .
لا يعلم إلا القلة, أنها ( دنيا فانية ) ولا تساوي شيئاً, وأن كل ما فيها لا يساوي لحظة سعادة حقيقية .
ولهذا تجدنا نتقاتل ويصارع بعضنا بعضاً, ويسترخص البشر قتل غيرهم, ويتآمرون ويكذبون وينافقون, ويحسبون للعيش حسابات مادية,
كانهم يعيشون أبداً .
ولو أن الإنسان يفكر بضع ثوان يومياً, بما يعرفه حق المعرفة, وهو أنه سوف يصل إلى المحصلة (صفر) في معادلة الحياة,
لما أتعب نفسه, واتعب غيره .
ولسوف يدرك أن عبارة صباح الخير, أهم كثيراً, من منجزات مادية كفيلة بأن تجعل الناس يتمنون له كل شيء, إلا الخير .
وسوف يتذكر أنه جاء إلى الدنيا بلا وفاض, وسيخرج خالي الوفاض, وسوف يرى الفرق بين إنسان يأتي الناس على ذكر سيرته ,
فيقولون : ( كان إنساناً طيباً وابن حلال ), وبين إنسان تأتي سيرته, فيلوذون بالصمت,
عندها لا يجدون محاسن له يذكرونها .
لو أنه يفكر بضع ثوان فقط, لوجد أن نصف ساعة لا تكفي, وأنه يحتاج العمر كله, ليعرف إن كان ما سيقوله يستحق القول, أو ما يتمناه,
يمكن أن يعني شيئاً ذا قيمة .